أنتم أم أنا المجنون؟


قررتُ الرحيل والسفر والانتقال إلى الخارج؛ لتوفير لقمة العيش لأبنائي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وتحدَّد موعد السفر، وإذا بي أركب سيارة أجرة للوصول إلى المطار..

وجلستُ انتظر إلى أن الإعلان عن رحلة الطيران الخاصة بي، وأخذتُ أوراقي وجواز السفر، وبعد المراجعة توجهت إلى الطائرة.

بعد أن هبطت الطائرة وهممتُ بالرحيل من صالة المطار، فوجدت شخصًا ينتظرني ويحمل لافتة تحمل اسمي، فتوجهت إليه فسلم عليَّ بحفاوة بالغة، وأخبرني أن اسمه هو حازم وهو مندوب جاء لاستقبالي..

فأخذ حقائبي ووضعها في السيارة واصطحبني في السيارة، وعندما توقفت السيارة أخبرني بأننا قد وصلنا إلى الاستراحة التي تبعد مسافة قريبة من العمل، وأخبرني أن آخذ قسطًا من الراحة؛ لأني مجهد من عناء السفر على أن يحضر لاصطحابي إلى العمل في صباح اليوم التالي..

وبالفعل حضر في صباح اليوم التالي، ومشينا معًا وفي الطريق إلى العمل رأينا شخصًا يجلس على الطريق ويرتدي ثيابًا رثة بالية ممزقة، ولما هممت بالذهاب نحوه والحديث معه إذا بحازم يمنعني، ويقول إنهم يدعونه المجنون، فامتنعت عن الذهاب إليه، وذهبنا إلى محل العمل..

عرَّفني حازم إلى الزملاء والذين رحبوا بي.. بدأت العمل وبعد انتهاء ساعات العمل أتوجه إلى الاستراحة..

ومرت الأيام على هذا النحو، وفي الطريق إلى الاستراحة أرى هذا الشخص يتمتم بكلمات.

وفي أحد الأيام وفي أثناء عودتي من العمل والتوجه نحو الاستراحة، إذا بهذا الشخص المجنون ينادي عليّ، فتوجهتُ إليه ودار بيننا حوار.

عندما رأى الحيرة في عيني قال: سأجيبك عما يشغل ذهنك.

قلتُ له: وما ادراك ما يشغل ذهني؟  قال : تريد أن تعلم لماذا يلقبوني بالمجنون، قلت: نعم.

إذا به يسرد قصته، قال: قد كنتُ أعيش في وطني وجئتُ هربًا من جحيم الحرب وويلاتها.

لقد كنتُ أعمل مهندسًا وكنتُ أعيش في سعادة مع زوجتي الجميلة وأطفالي، وإذا بالقذائف تنهال علينا من كل صوب، وإذا بي أرى أبنائي وزوجتي ملقاة جثة هامدة تغطيهم الدماء فأصابني الذهول،  ولما  افقتُ خرجت فرأيت جثثًا لأطفال ونساء وكهول ومنازل محطمة..

أطفال قد فقدوا الأب والأم وآباء قد فقدوا أطفالهم.. هلا أجبتني: هل ستري تلك المأساة التي تحل بالأبرياء دون جريمة وستظل عاقلاً أم سيقودك ذلك مثلي إلى الجنون.

 

Comments

Popular posts from this blog

نجم بعيد

ساحرة ام ملاك

حبيبتي في المنام